[176]: العاقلیة عبارة عن الوجود المفارق للمادة و غواشیها، فالعقول ادراکها لذاتها عین وجود ذاتها فی الخارج، و لیست العاقلیة و المعقولیة عین ماهیاتها، و لا من لوازم ماهیاتها. فعلى هذا سقط اعتراض الامام الرازى بان علوم «3» المجردات لو کانت بذواتها عین ذواتها لکان کل من عقلها عقلها عاقلة لذواتها. و سقط ایضا قول من قال: ان علومها لو کانت عین وجوداتها لکان من عقلها موجودة عقلها عاقلة لذواتها، و لم یحتج الى استیناف برهان على کونها عاقلة بعد ان اثبت وجوداتها.
و ذلک لان من عقل امرا یکون هو فی نفسه عاقلا لذاتها، فلا یقع فی نفسه من ذلک الامر الّا ماهیة من شأنه کذا، و معلوم ان الوجود لیس من لوازم [یکون هو فی نفسه «4» ماهیة شىء من الاشیاء؛ فالماهیة اذا وجدت فی الذهن کانت موجودة له لا لنفسها، فیکون وجودها منشأ عاقلیة الذهن له لا غیر. نعم من علم ان الامر المفارق موجود فی الخارج، و علم ان الوجود «5» المفارقى لشئ مناط معقولیته له لکان عالما بان ذلک الامر عالم بذاته، و مع ذلک لیس الوجود الذى یکون المفارق به معقولا
مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهین، ص: 331
لذاته عین الوجود الذى یکون به محکوما علیه بالمعقولیة عند آخر من العقلاء الذین عرفوا الامور بقیاس و فکر، و لا [ب- 30] لازما له؛ فبعد ثبوت الاول یحتمل الشک فی الثانى الى ان یقام البرهان.
[177]: لنا برهان عرشى على ان علمه تعالى بالاشیاء الخارجیة نفس صورها الخارجیة من جهة انها لوازم ذاته، و لیس لزومها مثل لزوم اللوازم الذهنیة کالکلیة للانسان مثلا، اذ لیس للبارى تعالى وجود ذهنى، و لا کلزوم لوازم الماهیة کالزوجیة للاربعة، اذ لا ماهیة له تعالى غیر الوجود البحت، فکل ما هو لازم له یکون لازما لوجوده العینى لزوما خارجیا، فلا یکون حصولها له تعالى الّا حصول الصور العینیة للفاعل المقتضى، لا حصول الصور الذهنیة للقابل المستفید.
[178]: المشهور ان مذهب المعلم الاول و اتباعه ان علمه تعالى بارتسام صور المعلومات فی ذاته، و هو «1» خلاف ما وقع التصریح به فی اواخر کتاب «اثولوجیا»، قال الفیلسوف فی آخر المیمر العاشر: «فاما البارى فانه اذا اراد فعل شیء فانه لا یمثّل فی نفسه و لا یحتذى صنعة خارجة منه، لانه لم یکن شیء قبل ان یبدع الاشیاء، و لا یتمثل فی ذاته لان ذاته مثال کل شیء، فالمثال لا یتمثل». و قال ایضا قبیل هذا:
«لیس لقائل ان یقول: ان البارى روّى فی الاشیاء اولا ثم ابدعها، و ذلک انه هو الذى ابدع الرویة، فکیف یستعین بها فی ابداع الشیء و هى لم یکن بعد، و هذا محال. و نقول: انه هو الرویة و الرویة لا تروّى ایضا، و الّا «2» یجب ان یکون تلک الرویة تروّى، و هذا الى غیر النهایة». «3»
[179]: ما من شیء فی هذا [الف- 31] العالم الّا و له نفس فی عالم آخر و عقل فى عالم ثالث، حتى الارض التى هى ابعد الاجسام عن قبول الفیض، فانها ذات حیاة ما و کلمة فاعلة. و قد استدل على ذلک الفیلسوف الاعظم «4» بانها: «تنمو و تنبت الکلاء و تنبت الجبال فانها نبات ارضى، و فی داخل الجبال حیوانات کثیرة و
مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهین، ص: 332
معادن، و انما تکوّن هذه فیها من اجل الکلمة ذات النفس، فانها هى التى تصور فی داخل الارض، و هذه الکلمة هى صورة الارض التى تفعل فی باطن الارض کما یفعل الطبیعة فی باطن الشجر، فان الکلمة الفاعلة فی باطن الارض تشبه طبیعة الفاعلة فی باطن الشجر، و عود الشجر یشبه الارض «1» بعینها، و الحجر الذى یقطع من الارض یشبه الغصن «2» الذى یقطع من الشجر».
ثم قال: «ان الکلمة الفاعلة فی الارض الشبیهة لطبیعة الشجر هى ذات نفس، لانه لا یمکن ان یکون میتة و یقبل «3» هذه الافاعیل العجیبة العظیمة فی الارض، فان کانت حیّة فانها ذات انفس لا محالة، فان کانت هذه الارض الحسیة التى هى صنم حیّة فبالحرى ان یکون تلک الارض العقلیة حیّة ایضا، و ان یکون هى الارض الاولى، و هذه ارضا ثانیة لتلک الارض شبیهة بها».
[180]: ان بعض اجلة المتأخرین «4» قد اشتبه علیه الامر فی تعریف العرض الذاتى باللواحق العارضة لذات الشیء او لما یساویه، لما رأى انه ما من علم الّا و یبحث فیه عن عوارض انواع الموضوع و انواع [ب- 31] انواعه و انواع عوارضه، و لم یدّبّر القول فیه، و لم یعلم ان جمیع هذه الامور مما یمکن ان یکون من العوارض الاولیة لذات موضوع العلم، کما سیظهر لک. فتارة نسب الى رؤساء العلم التسامح و المساهلة فی هذا الموضوع، و تارة فرق بین موضوع العلم و موضوع المسألة کما فرق بین محمولیهما، ثم زعم انه قد وقع التدافع فی کلام الشیخ حیث صرّح بان ما یعرض الشیء لامر اخص- اى یحتاج فی عروضه له الى ان یصیر ذلک الشیء نوعا متخصصا- فهو عرض غریب، مع انه مثّل العرض الذاتى بالاستقامة و الاستدارة للخط.
و لیت شعرى اىّ تدافع فی کلام الشیخ الّا ما یوجبه سوء فهم هذا القائل حیث
مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهین 342 [تأیید عرشى] ..... ص : 339
مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهین، ص: 333
لم یفرق بین الاخص من الشیء و بین العارض له لامر اخص منه، و لم یعلم ان الفصول المقسمة للجنس اعراض اولیة له، لانها من عوارضه اللاحقة لذاته.
[181]: ان القوم قد عرّفوا الحلول بتعریفات مقدوحة منقوضة، و التعریف الصحیح ما هدانا اللّه الیه و هو کون احد الشیئین بحیث یکون وجوده فی نفسه هو وجوده للآخر. و هذا تعریف سالم عن النقوض و الاعتراضات.
[182]: البرهان العرشى على وجود الصور «1» المفارقة من طرق: اولها: طریق الحرکة، و هو ان طبیعة کل نوع عبارة عن مبدأ حرکته [الف- 32]، و الطبیعة ما لم تتحرک فی ذاتها لا تحرک شیئا آخر، فهى فی ذاتها امر متجدد. فالجوهر المتجدد بنفسه هو الطبیعة، فلا بد لها من حافظ تکون الطبیعة بها ذات وحدة شخصیة مستمرة، فینتظم «2» کل صورة طبیعیة من جوهر ثابت غیر جسمانى و جوهر متغیر جسمانى، و لیس ذلک هو المادة لانها فی الوجود و التغیر تابعة للطبیعة، و لا النفس لانها من حیث نفسیتها کالطبیعة، فلا محالة یکون جوهرا مفارقا حافظا لنوع هذه الطبیعة دو عنایة باشخاصها و مراتبها و حدودها.
و ثانیها: طریق الادراک و المدرکیة، و هو ان فی الوجود انسانا محسوسا مثلا مع مادته و عوارضه المحسوسة و هذا هو الانسان الطبیعى، و ان ههنا شیئا هو انسان منظورا الى ذاته من حیث هو من غیر اعتبار الاعراض الزائدة على الانسانیة. و ان فى العقل شیئا آخر یشترک فیه الکثیرون و یحمل على کل واحد منهم بهو هو، و لا محالة یکون مفارقا عن الخصوصیات و العوارض، و الّا لم یکن یتساوى الى الجمیع مع اختلاف مقادیرها و اعراضها، فذلک الوجود المفارقى اما ان یکون فی الخارج او فى الذهن؛ فان کان فی الذهن یلزم ان تکون. حقیقة الجوهر عرضا مع ان حقیقة الجوهر اولى بالجوهریة اى بکونه موجودا لا «3» فى موضوع؛ هذا محال.
و اما اعتذارات المتأخرین عن ذلک فقد زیّفناها و [ب- 32] مزّقناها کل
مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهین، ص: 334
ممزّق، فصارت اوهن «1» من بیت العنکبوت.
و ثالثها: طریق الامکان الاشرف، و القاعدة الموروثة من الفیلسوف الاقدم استاد الفلاسفة.
[183]: البرهان العرشى على اتحاد العاقل و المعقول. قد «2» علمت ان الصورة المعقولة هى کل صورة فارقت المادة و علائقها، فان کل صورة اقترنت «3» المادة اتصفت بعوارضها فهى محسوسة لا معقولة، و کما ان المحسوسات ینقسم الى ما هى محسوسة بالقوة و الى ما هى محسوسة بالفعل. و المحسوس بالفعل متحد مع الحاس، اذ الاحساس لیس کما هو المشهور من ان الحس یجرد صورة المحسوس من مادته و یأخذها مع عوارضها، لما تعلم من استحالة انتقال المنطبعات من مادتها، و لا بان تنتقل الحاسة الى ان تدرک وجود المحسوس فی مادته، بل بان یفیض من الواهب صورة نوریة لها یتحصل الادراک، فهى الحاسة بالفعل و المحسوسة بالفعل، المعراة عن الصور. و اما قبل حصولها فلم تکن القوة القابلة حاسة بالفعل و لا محسوسة بالفعل.
و هذا مع ظهوره قد غفل عنه جمهور الحکماء و زعموا ان الجوهر الحاس بذاته المعرّاة عن الصورة یدرک الصور الحاضرة او الحاصلة. و لیت شعرى اذا لم تکن فى ذاته له صورة المحسوس فبأى شیء تنالها «4» بذاته «5» العاریة شیئا لم یحصل بعد لذاته، او ینال الصورة بالصورة، فیکون الصورة حاسة و محسوسة، و المفروض خلافه؛ هذا خلف.
لا یقال [الف- 33] انه اذا حصلت الصورة للجوهر الحاس لم یکن «6» عاریا عنها؛ لانى اقول: لو کان حصوله کحصول الصورة للمادة و المادة «7» بها یصیر شیئا بالفعل، فکما لیست المادة شیئا من الاشیاء المعینة الّا بالصورة، فهکذا ینبغى ان
مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهین، ص: 335
تکون القوة الحاسة حاسة بالفعل بهذه الصورة المحسوسة لا قبلها؛ و ان کان حصولها کحصول الاشیاء الخارجة عن ذات الشیء، کوجود السماء و الارض لنا، فلیس هذا بالحقیقة الّا اضافة محضة. فالموجود لنا ههنا نفس الاضافة، و هى من اضعف الاعراض و لا صورة لها فی الاعیان، و حصول الاضافة الى شیء «1» غیر حصول ذلک الشیء، فان اضافة الدار و الفرس و العبد لنا لا یوجب وجود هذه الاشیاء لنا و حصولها فى انفسنا. نعم ربما یحصل صورها فینا، و الکلام عائد فی تلک الصور و کیفیة حصولها لنا أهى بمجرد الاضافة او بالاتحاد معنا؟ فان کان بمجرد الاضافة فلا یحصل بواسطتها حصول و هکذا حتى یتسلسل، و ان کان بالاتحاد فهو المطلوب.
فهکذا القول فی کل صورة مجردة عن المادة و عوارضها اذا اتحدت بالقوة العاقلة صیّرتها عقلا بالفعل لا بان العقل بالقوة یکون منفصل الذات عنها انفصال مادة الاجسام عن صورتها التى یلحقها، فان العقل بالقوة ان کان منفصلا عن الصورة المعقولة بالفعل و تعقلها، کان ینال منها صورة اخرى معقولة؛ و الکلام فی [ب- 33] تلک الصورة کالکلام فیها، و هکذا ذهب الامر الى غیر نهایة. و کل من انصف من نفسه یعلم ان النفس الجاهلة لیست فی ذاتها کانفس التى صارت عالمة، و لیست الصور العلمیة کالمال و العروض و الامتعة المنسوبة الى الشخص و لا کالاعراض التى تلحق و تزول و الموضوع على ما کان.
تنبیه
افتح بصرک الحسى الظاهر لظاهر الوجود، تجده ثابتا على الوصف الذى انتهى بصرک الیه، ثم أرخ جفنیک على بصرک، تجد الوجود قد انحجب عنک، و لیس الّا ستر جفنیک لعینیک، فحجابک انت «2» و منک، لم یتجدد للموجود ظهور و لا حجاب منه، کذلک بصیرة القلب اذا نوّرت بانوار العلم الملکوتى تشهد الملکوت
مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهین، ص: 336
ثابت الوجود لم یتجدد علیه فی نفسه متجدد، و اعبر بذلک الى سواء «1» الحقّ القائم بک، اذا غیبت انت عنه و کشفت عن حکم سرّیته شهدت وجودا متصلا بصفة الربانیة التى هى [الف- 34] اتصالا لم یکن بعد ان لم یکن «2».
تنبیه ینبّه على معرفة فناء الدنیا و بقاء الآخرة
ان ما اوجده الحى الباقى فهو حى باق، و الدنیا و الآخرة موجودتان من الحى الباقى سبحانه، عن علمه ظهرتا، و بارادته تکوّنتا، و بمشیته و قدرته وجدتا، فلا فناء لشیء منهما فی الحقیقة، و انما احدیهما خفیت او تخفى «3» بظهور الآخرة، و الآخرة الیوم موجودة قائمة بباطن الدنیا خفیّة بظهورها «4» خفاء الثمرة فی الاکمام و الجنین فى بطن الحامل، و هى العالم الملکوتى الروحانى، و هى اسرار الموجودات الظاهرة الدنیویة، عنها تتنزل الاحکام لظاهر الوجود. فما کان فی هذا العالم من العلوم و المعارف و الرسل و الکتب و الرحمة و البرکة و الطاعة المشروعة و ما یشبهه فهو من آثار ظهور الجنة و باطن الامر؛ و ما کان من کفر و جحود و طغیان و دجال «5» و شیاطین «6» مردة و سیئات و موذیات و مکروهات فهو من آثار ظهور النار فی باطن الاشرار.
فلا یزال الامر کذلک- و هو سرّ توالج الوجود و تداخل العوالم المقدمة- الخلط الى ان یتم الکلمة و یکمل الدائرة، و یظهر ما سبق الحکم «7» به من ظهور الآخرة اذا انقلب الوجود و ظهر باطنه باحکامه المحققة و مراتبها المقررة و خفى ظاهره لاستیلاء ظهور باطنه «8» فبدت الحقایق الکلیات و المعانى المتزوجات و الاسرار الخفیات بمعانى روحانیتها وسعة دوائرها و بسطة عواملها [ب- 34] و رجعت الفروع الى اصولها، و الجزئیات الى کلیاتها؛ فما کان من سماوات علویات روحانیات نورانیات و ما ینزل عنها من رحمة کلیات و تفضلیات جنان فردوسیات
مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهین، ص: 337
و عدنیات و انجمع الیها «1» ما کان بطریق الخلط و المزج مشارکا للثفلیات السفلیات و درکاتها السجّینیات «2» «ظلمات بعضها فوق بعض» «3»، طباق جهنّمات بما ظهر عنها مما ناسبها من الموذیات و المکروهات؛ قال اللّه تعالى: یَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَیْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ «4». فالتبدیل بمعنى التقلیب لخفاء الظواهر بظهور البواطن، بیّن ذلک بقوله: وَ إِلَیْهِ تُقْلَبُونَ «5»، تَبْدِیلَ لِکَلِماتِ اللَّهِ
«6». و لا عدم لما اوجده الحقّ القدیم من الموجودات. و اللّه اعلم.
وارد تقدیسى
التکلم صفة «7» نفسیة مؤثرة، معناه انشاء الکلام، لانه مشتق من الکلم و هو الجرح، و هو الاعلام و الاظهار. فمن قال: «ان الکلام صفة المتکلم» اراد به المتکلمیة. و من قال: «انه قائم بالمتکلم» اراد به قیام الفعل بالفاعل، لا قیام الصفة بالموصوف و المقبول بالقابل. و من قال: «ان المتکلم من اوجد الکلام» اراد من الکلام ما یقوم بنفسه المتکلم من حیث هو متکلم لا ما هو مبائن له مبائنة الکتاب للکاتب، و البناء للبناء.
و اول کلام «8» قرع اسماع الممکنات کلمة «کن»، فما ظهر العالم [الف- 35] الّا عن صفة الکلام، بل العالم عین الکلام، و اقسامه بحسب مقاماته فی نفس الرحمن، کما ان الکلمات و الحروف الصوتیة قائمة فی نفس الانسان بحسب منازله و مخارجه.
فالغرض من المتکلم اولا ایجاد اعیان الحروف و انشاؤها من المخارج و هو
مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهین، ص: 338
عین الاعلام؛ و اما ترتیب «1» الاثر على الامر و النهى و الاخبار و غیر ذلک من التمنى و الترجى فهو مقصود ثان، و هذا ایضا فی بعض ضروب الکلام، فان الکلام على ثلاثة اقسام: اعلى و اوسط و ادنى.
فاعلاها ما یکون عین الکلام مقصودا اصلیا و لا یکون بعده مقصود آخر لشرف وجوده و تمامیته و کونه غایة لا یکون فوقه غایة. و هذا مثل ابداعه تعالى المبدعات، و هى عالم الامر الکائن بامر «کن». فالغرض من انشاء «2» امر «کن» لیس سوى نفس ذلک الامر.
و اوسطها ما یکون لعین الکلام مقصود آخر، الّا انه یترتب علیه على اللزوم من غیر تخلف، کامره تعالى للملائکة المدبرین فی طبقات السموات و الارض بما لهم ان یفعلوا؛ لا یَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ «3». و ذلک لان او امر اللّه تعالى وصل الیهم اما بلا واسطة او واسطة امر آخر لا بواسطة الخلق و الّا لا مکن العصیان.
و ادناها ما یکون لعین الکلام مقصود آخر و «4» قد یتخلف عنه و قد لا یتخلف، و فیما لا یتخلف یمکن ان یتخلف «5» ایضا ان لم یکن له حافظ عاصم من الخطاء، و هذا کأوامر اللّه تعالى و خطاباته للمکلفین من الجن و الانس اجمعین بواسطة [ب- 35] انزال الکتب و ارسال الرسل و هما مخلوقتان. ففى هذا الخطاب و هذا الامر بالواسطة یحتمل الطاعة و العصیان، فمنهم من اطاع، و منهم من عصى؛ و مع عدم الواسطة لا سبیل الّا الطاعة.
فالاعلى من ضروب الکلام و الامر هو الامر الا بداعى و القضاء: وَ قَضى رَبُّکَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِیَّاهُ «6». و الاوسط هو الامر التکوینى و القدر: وَ کُلُّ شَیْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ «7». و الادنى هو الامر التشریعى: شَرَعَ لَکُمْ مِنَ الدِّینِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً «8».
مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهین، ص: 339
و کما علمت هذه الاقسام الثلاثة فی الکلام الالهى، ففى الانسان الکامل لکمال نشأته الجامعة للنشئات الثلاث من الامر و الخلق و البرزخ المتوسط بینهما یوجد ایضا مثل هذه الاقسام، لکونه مثالا لباریه، هو «1» مخلوق على صورته و هو على بیّنة من ربه «2».
فاعلى ضروب الکلام له هو ما یکون عند تکلّمه مع اللّه و مخاطبته الروحانیة، و هو تلقّى المعارف الالهیة من لدن حکیم علیم. فتکلیم اللّه ایاه عبارة عن افاضة الحقایق الربانیة على ذاته و مقارعته بها سمعه القلبى. و تکلّمه مع اللّه عبارة عن استدعائه الذاتى بلسان القابلیة ایاها عنه تعالى؛ و هکذا اذا بلغ درجة العقل البسیط الذى یصور النفس بتفاصیل صور المعقولات، فهو بما صار عقلا بسیطا من شأنه تصویر الحقائق قد صار جوهرا ناطقا بالعلوم الحقّة، متکلما بالمعارف الحقیقیة، فلیس [الف- 36] لکلامه هذا مقصود ثان غیره.
و الثانى عبارة عن امره و نهیه للاعضاء و الآلات الطبیعیة، فیجرى حکم النفس على الاعضاء و الآلات الطبیعیة سواء کانت داخلة او خارجة، فلا یستطیع کل من القوى و الاعضاء تمردا عن طاعة النفس و لا عصیانا لها فیما امرت به او نهیت عنه، فامرت العین للانفتاح انفتحت، و اذا امرت [للانقباض انقبضت].
شاهرودی مباحث مربوط به تدریس اینجانب مانند سرفصل ها، عناوین پژوهشهای مربوط به درس، پژوهشهای دانشجویان در زمینه های فلسفه و عرفان و سایر دروس رشته فلسفه و حکمت اسلامی به منظور استفاده دانشجویان علاقمند ارائه خواهد شد |